دعــــاء ختـــم القــرآن الكـــريم
لسيدّي العارف بالله مولانا الشيخ عبد القادر الجيلاني
"صدق الله العظيم الذي خلق الخلق فأبدعه ، وسن الدين وشرعه ، ونور النور وشعشعه ، وقدر الرزق ووسعه ، وضر خلقه ونفعه ، وأجرى الماء وأنبعه ، وجعل السماء سقفا محفوظا مرفوعا رفعه ، والأرض بساطا وضعه ، وسير القمر فأطلعه ، سبحانه ما أعلى مكانه وأرفعه ، وأعز سلطانه وأبدعه ، لا راد لمن صنعه ، ولا مغير لما اخترعه ، ولا مذل لمن رفعه ، ولا معز لمن وضعه ، ولا مفرق لما جمعه ، ولا شريك له ، ولا إله معه ،
صدق الله الذي دبر الدهور، وقدر المقدور ، وصرّف الأمور ، وعلم هواجس الصدور ، وتعاقب الديجور ، ويسر الميسور ، وسهل المعسور ، وسخر البحر المسجور ، وأنزل الفرقان والنور ، والتوراة والإنجيل والزبور ، وأقسم بالفرقان والطور ، والكتاب المسطور في الرق المنشور ، والبيت المعمور ، والبعث والنشور ، وجاعل الظلمات والنور ، والولدان والحور ، والجنان والقصور { إن الله مسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور}
صدق الله العظيم ، الذي عزّ فارتفع ،وعلا فامتنع ، وذل كل شيء لعظمته وخضع ، وسمك السماء ورفع ، وفرش الأرض وأوسع ، وفجر الأنهار فأنبع ، ومرج البحار فأترع ، وسخر النجوم فأطلع ، ونور النور فلمع ، وأنزل الغيث فهمع ، وكلم موسى عليه السلام فأسمع ، وتجلى للجبل فتقطع ، ووهب ونزع ، وضر ونفع ، وأعطى ومنع ، وسن وشرع ،وفرق وجمع ، وأنشأكم من نفس واحدة ، فمستقر ومستودع ،
صدق الله العظيم ، التواب الغفور الوهاب ، الذي خضعت لعظمته الرقاب ، وذلت لجبروته الصعاب ، ولانت له الشداد الصلاب ، واستدلت بصنعته الألباب ، ويسبح بحمده الرعد والسحاب ، والبرق والسراب ،والشجر والدواب ، رب الأرباب ، ومسبب الأسباب ، ومنزل الكتاب ، وخالق خلقه من التراب ، غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، لا اله ألا هو عليه توكلت وإليه متاب ،
صدق الله الذي لم يزل جليلا دليلا ، صدق من حسبي به كفيلا ، صدق من اتخذتُه وكيلا ، صدق الله الهادي إليه سبيلا ، صدق الله ومن أصدق من الله قيلا ، صدق الله وصدقت أنباؤه ، وصدق الله وصدقت أنبياؤه ، صدق الله وصدقت أرضه وسماؤه ، صدق الله الواحد القديم الماجد الكريم الشاهد العليم الغفور الرحيم الشكور الحليم ، (قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم )
صدق الله العظيم الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الحي العليم ، الحي الكريم ، الحي الباقي ، الحي الذي لا يموت أبدا ، ذو الجلال والإكرام ، والأسماء العظام ، والمنن الجسام ، وبلغت الرسل الكرام بالحق ،
صلى الله على سيدنا محمد وسلم وعليهم السلام ، ونحن على ما قال الله ربنا وسيدنا ومولانا من الشاهدين ، وما أوجب وألزم غير جاحدين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على سيدنا وسندنا محمد خاتم النبيين ، وعلى أبويه المكرمين سيدنا آدم والخليل إبراهيم ، وعلى جميع إخوانه من النبيين ، وعلى أهل بيته الطاهرين ، وعلى أصحابه المنتخبين ، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين ،
صدق الله ذو الجلال والإكرام ، والعظمة والسلطان ، جبار لا يرام ، عزيز لا يضام ، قيوم لا ينام ، له الأفعال الكرام ، والمواهب العظام ، والأيادي الجسام ، والأفضال والإنعام ، والكمال والتمام ، تسبح له الملائكة الكرام ، والبهائم والهوام ، والرياح والغمام ، والضياء والظلام ، وهو الله الملك القدوس السلام ،
ونحن على ما قال الله ربنا جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه ، وجلت آلاؤه ، وشهدت أرضه وسماؤه ، ونطقت به رسله وأنبياؤه شاهدون (لا اله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائما بالقسط ، لا اله إلا هو العزيز الحكيم ، إن الدين عند الله الإسلام )
ونحن بما شهد الله ربنا والملائكة واؤلوا العلم من خلقه لمن الشاهدين ، شهادة شهد بها العزيز الحميد ، ودان بها المؤمن الغفور الودود ، وأخلص بالشهادة لذي العرش المجيد ، يرفعها بالعمل الصالح الرشيد ، يعطى قائلها الخلود في جنة ذات سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ، يرافق فيها النبيين الشهود ، والركع السجود ،والباذلين في طاعته غاية المجهود ،
اللهم اجعلنا بهذا التصديق صادقين ،وبهذا الصدق شاهدين ، وبهذه الشهادة مؤمنين ، وبهذا الإيمان موحدين ، وبهذا التوحيد مخلصين ، وبهذا الإخلاص موقنين ، وبهذا الإيقان عارفين ، وبهذه المعرفة معترفين ، وبهذا الاعتراف منيبين ، وبهذه الإنابة فائزين ، وفيما لديك راغبين ، ولما عندك طالبين ، وباهي بنا الملائكة الكرام الكاتبين ، واحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين ، فشغلته بالدنيا عن الدين ، فأصبح من النادمين ، وفي الآخرة من الخاسرين ، وأوجب لنا الخلود في جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين ،
اللهم لك الحمد وأنت للحمد أهل ، وأنت الحقيق بالمنة ثم الفضل ، لك الحمد على تتابع إحسانك ، ولك الحمد على تواتر إنعامك ، ولك الحمد على ترادف امتنانك ، اللهم عطفت علينا قلوب الآباء والأمهات صغارا ، وضاعفت علينا نعمك كبارا ، وواليت إلينا برك مدرارا ، وجهلنا وما عاجلتنا مرارا ، فلك الحمد ، اللهم فإنا نحمدك سرا وجهارا ، ونشكرك محبة واختيارا ، فلك الحمد إذ ألهمتنا من الخطأ استغفارا ، ولك الحمد فارزقنا جنة واحجب عنا بعفوك نارا ، ولا تهلكنا يوم البعث فتجعلنا بين المعاشر عارا ، ولا تفضحنا بسوء أفعالنا يوم لقائك ، فتسكنا ذلة وانكسارا برحمتك يا ارحم الراحمين ؛
اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام وعلمتنا الحكمة والقرآن ؛ اللهم أنت علمتنا قبل رغبتنا في تعليمه ، ومننت به علينا قبل علمنا بمعرفته ، وخصصتنا به قبل معرفتنا بفضله ؛ اللهم فإذا كان ذلك من فضلك لطفنا بنا وامتنانا علينا من غير حيلتنا ولا قوتنا ، فهب لنا اللهم رعاية حقه ، وحفظ آياته ، وعملا بمحكمه ، وإيمانا بمتشابهه ، وهدى في تدبره ، وتفكرا في أمثاله ومعجزته ، وتبصرة في نوره وحكمه ، لا تعارضنا الشكوك في تصديقه ، ولا يختلجنا الزيغ في قصد طريقه ؛
اللهم انفعنا بالقران العظيم ، وبارك لنا في الآيات والذكر الحكيم ، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا أنك أنت التواب الرحيم برحمتك يا أرحم الراحمين ؛ اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ، وشفاء صدورنا ، وجلاء أحزاننا ، وذهاب همومنا وغمومنا ، وسائقنا وقائدنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم اجعل القرآن لقلوبنا ضياء ، ولأبصارنا جلاء ، ولأسقامنا دواء ، ولذنوبنا ممحصا ، ومن النار مخلصا ؛ اللهم اكسنا به الحلل ، واسكنا به الظلل ، وأسبغ علينا به النعم ، وادفع به عنا النقم ، واجعلنا به عند الجزاء من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين ، فشغلته بالدنيا عن الدين ، فأصبح من الخاسرين برحمتك يا أرحم الراحمين :
اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلا ، ولا الصراط بنا زائلا ، ولا نبينا وسيدنا وسندنا محمدا صلى الله عليه وسلم في القيامة عنا معرضا ولا موليا ، اجعله يا ربنا يا خالقنا يا رازقنا لنا شافعا مشفعا ، وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه مشربا رويا سائغا هنيا لا نظمأ بعده أبدا ، غير خزايا ولا ناكثين ، ولا جاحدين ولا مغضوب علينا ولا ضالين برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم انفعنا بالقرآن الذي رفعت مكانه وثبت أركانه ، وأيدت سلطانه وبينت بركاته ، وجعلت اللغة العربية الفصيحة لسانه ، وقلت يا عزّ من قائل سبحانه ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علينا بيانه ) وهو أحسن كتبك نظاما وأوضحها كلاما وأبينها حلالا وحراما ، محكم البيان ظاهر البرهان محروس من الزيادة والنقصان ، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) اللهم فأوجب لنا به الشرف والمزيد ، وألحقنا بكل بر سعيد ، واستعملنا في العمل الصالح الرشيد ، إنك أنت القريب المجيب برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم فكما جعلتنا به مصدقين ولما فيه محققين فاجعلنا بتلاوته منتفعين ، وإلى لذيذ خطابه مستمعين ، وبما فيه معتبرين ، ولأحكامه جامعين ، ولأوامره ونواهيه خاضعين ، وعند ختمه من الفائزين ، ولثوابه حائزين ، ولك في جميع شهودنا ذاكرين ، وإليك في جميع أمورنا راجعين ، واغفر لنا في ليلتنا هذه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين ؛ اللهم اجعلنا من الذين حفظوا للقرآن حرمته لما حفظوه ، وعظموا منزلته لما سمعوه ، وتأدبوا بآدابه لما حضروه ، والتزموا حكمه لما فارقوه ، وأحسنوا جواره لما جاوروه ، وأرادوا بتلاوته وجهك الكريم والدار الآخرة ، فوصلوا به إلى المقامات الفاخرة ، واجعلنا به ممن في درج الجنان يرتقى ، وبنبيه صلى الله عليه وسلم يوم عرضه وهو راض عنه يلتقي ، فالمتشفع بالقرآن غير شقي برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم اجعلها ختمة مباركة على من قرأها وحضرها وسمعها وأمن على دعائها ، وأنزل اللهم من بركاتها على أهل الدور في دورهم ، وعلى أهل القصور في قصورهم ، وعلى أهل الثغور في ثغورهم ، وعلى أهل الحرمين في حرميهم من المؤمنين ، اللهم وأهل القبور من أهل ملتنا أنزل عليهم في قبورهم الضياء والفسحة ، وجازهم بالإحسان إحسانا ، وبالسيئات غفرانا ، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم يا سائق القوت ، ويا سامع الصوت ، ويا كاسي العظام بعد الموت ، صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، ولا تدع لنا في هذه الليلة الشريفة المباركة ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا كربا إلا نفسته ، ولا غما إلا كشفته ، ولا سوءا إلا صرفته ، ولا مريضا إلا شفيته ، ولا مبتلى إلا عافيته ، ولا ذا إساءة إلا أقلته ، ولا حقا إلا استخرجته ، ولا غائبا إلا رددته ، ولا عاصيا إلا هديته ، ولا ولدا إلا جبرته ، ولا ميتا إلا رحمته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولنا فيها صلاح إلا أعنتـنا على قضائها بيسر منك وعافية مع المغفرة برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم عافنا واعف عنا بعفوك العظيم ، وسترك الجميل ، وإحسانك القديم ، يا دائم المعروف ، يا كثير الخير ، وصل على سيدنا وسندنا محمد وعلى إخوانه الأنبياء وعلى آله والملائكة وسلم تسليما ، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ، ووفقنا لعمل الصالح يرضيك عنا برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم صل على سيدنا محمد كما هديتنا به من الضلالة ، اللهم صل على سيدنا محمد كما استنقذتنا به من الجهالة ؛ اللهم صل على سيدنا محمد كما بلغ الرسالة ، اللهم صل على سيدنا محمد شمس البلاد وقمر المهاد وزين الوراد وشفيع المذنبين يوم التناد ؛ اللهم صل على سيدنا محمد وذريته وجميع صحابته ، الذين قاموا بنصرته وجروا على سنته برحمتك يا أرحم الراحمين ؛
اللهم صل على سيدنا محمد الذي بالحق بعثته ، وبالصدق نعته ، وبالحلم وسمته ، وبأحمد سميته ، وفي القيامة في أمته شفعته ، اللهم صل على سيدنا محمد ما أزهرت النجوم ، وصل على سيدنا محمد ما تلاحمت الغيوم ، وصل على سيدنا محمد يا حي يا قيوم " اللهم صل على سيدنا محمد ما ذكره الأبرار ، وصل على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار ، وصل على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار برحمتك يا أرحم الراحمين .