اللهمَّ صلِّ على مَنْ منهُ انشقَّت الأسرارُ ، وانفلقَتِ الأنوارُ ، وفيهِ ارتقَتِ الحقائقُ ، وتنـزَّلتْ عُلومُ آدمَ فأعجزَ الخلائقَ ، ولهُ تضاءَلتِ الفُهومُ فَلمْ يُدْرِكْهُ منّا سابقٌ ولا لاحِقٌ ، فرياضُ الملكوتِ بزهرِ جماله مونِقةٌ ، وحياضُ الجبروتِ بِفيضٍ أنوارِهِ مُتدفّقةٌ ، ولا شيءَ إلا وهوَ به منوطٌ ، إذ لولا الواسِطةُ لذهَبَ كما قيلَ الموسوطُ ، صلاةً تليقُ بكَ مِنكَ إليهِ كما هو أهلهُ ، اللهمَّ إنّه سرُّكَ الجامعُ الدَّالُّ عليكَ ، وحِجابُكَ الأعظمُ القائمُ لكَ بينَ يديكَ ، اللهمَّ ألحقْنِي بنسبِهِ ، وحقِّقْنِي بحسَبِهِ وعرِّفني إِيَّاهُ مَعرفةً أسْلمُ بها مِن مواردِ الجهلِ ، وأكرعُ بِها مِنْ مَوارِدِ الفَضل . واحملني على سَبيلِهِ إلى حَضْرتِكَ حَمْلاً محفوفاً بِنُصْرَتِكَ ، واقذفْ بي على الباطل فأدمغَهُ ، وزُجَّ بي في بحار الأَحَدِيَّة ، وانشُلني من أَوْحالِ التَّوحيدِ ، وأغرقني في عين بحْرِ الوَحدةِ ، حتى لا أرى ولا أسمَعَ ولا أَجِدَ ولا أُحِسَّ إلا بها ، واجعلْ الحِجابَ الأعظمَ حياةَ رُوحي ، ورُوحَهُ سِرَّ حقيقتي ، وحقيقَتَهُ جامعَ عَوالمي ، بتحقيقِ الحقِّ الأوّلِ ، يا أَوّلُ يا آَخِرُ يا ظاهِرُ يا باطنُ ، اسمع ندائي بما سمعْتَ به نداءَ عبدِكَ زكريا ، وانصُرني بكَ لكَ ، وأيّدني بكَ لكَ ، واجمعْ بيني وبينَك وحُلْ بيني وبينَ غَيرِك ، اللهُ ، اللهُ ، اللهُ (( إنَّ الذي فرضَ عليْكَ القُرآنَ لرادُّكَ إلى معادٍ )) ، (( ربَّنا آتِنَا مِنْ لدُنْكَ رحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً )) (ثلاثاً) .